المستخلص
تبحث الدراسة موضوعاً له أهميته في الحياة العملية وذو تأثير مباشر وكبير يتصل اتصالا وثيقاً بحقوق المؤلف الأدبية والمالية، حيث أن من المسلم به اليوم لدى رجال القانون بشكل عام والمتخصصين في الملكية الفكرية بشكل خاص، أن لمؤلف أي مصنف بأي مجال كان سلطات مالية تكفل له استغلال مصنفه اقتصاديا بما يعود عليه بالمردود النقدي, وسلطات اخرى أدبية تكفل له الدفاع عن سمعته ونتاجه الذهني قبل الكافة، وبناءً على ذلك ومن أجل تحقيق هذا الغرض, منح المشرع للمؤلف سلطة تكفل له تدعيم ذلك الحق بما يواكب العصر التقني والتكنلوجي المعاصر فأجاز له حماية مصنفه من خلال استخدام وسائل الحماية التقنية المتمثلة بتقنيات التشفير والتشويش وما الى ذلك من وسائل الردع الالكترونية لتكون جنباً الى جنب مع الحماية القانونية وتعمل على تعضيدها في وجه الهجمات وعمليات القرصنة الالكترونية والتي أخذت تأخذ بعداً اَخر أخذ يستشري في جميع أرجاء العالم بفضل شبكة الإنترنت .الا ان الغايات التي دفعت المشرع الى تقرير الحماية التقنية الى جانب الحماية القانونية, لم تحقق ما هو مرجو منها, نظراً لكونها بطيئة التطور قياساً بسرعة عصر التكنلوجيا الحالي وظهور شبكة الانترنت والتي جعلت من الصعب إن لم نقل من المستحيل السيطرة على جميع صور الاعتداءات أو عمليات القرصنة التي تنصب على النتاجات الذهنية للمؤلفين ,فضلاً عن تطور برامج فك التشفير والحماية التقنية بشكل مطرد مع سعة استخدامها وانتشارها, ولذلك سعت التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية الى إمساك العصى من المنتصف في محاولة للموازنة بين حق المؤلف ووجوب حمايته وبين الواقع التقني والتكنلوجي والمتمثل بشبكة الانترنت وسهولة الوصول والاطلاع على النتاجات الذهنية بشتى صورها وفي بقاع مختلفة من العالم وبمدة زمنية وجيزة، لذا عمدت الى تضمين قوانينها نصوصاً تضمنت مجموعة من القيود التي ترد على حقوق المؤلفين تجيز للغير " المتلقي لذلك المصنف" القيام بمجموعة من الأعمال والتي تشكل في الأساس مساساً بحقوق المؤلف الأدبية والمالية، كعرض المصنف في محافل معينة واقتناء نسخة خاصة منه أو دراسته وما الى ذلك من أعمال أخرى سعت من خلالها التشريعات الى توسيع فرص التزود بثمار العقل البشري دعماً للحركة العلمية وضمان ديمومتها واستمراريتها لتشكل الوجه الاَخر المقابل لحق المؤلف . والأخيرة أثارت جدلاً فقهياً واسعاً حول بيان طبيعتها القانونية، فذهب جانب من الفقه صوب اعتبارها تسامح من المؤلف، في حين يذهب جانب اَخر صوب اعتبارها استثناء قانوني يرد على حق المؤلف, في حين يكيفها جانب اَخر على إنها ترقى الى مرتبة حق للغير على المصنف، لنكون بذلك إزاء حقين متقابلين متنازعين على نفس المصنف أحدهما حق المؤلف نفسه على مصنفه بما يخوله من سلطات أدبية ومادية، وحق اَخر متمثل بحق المتلقي لذلك المصنف أي الغير، وبلا شك فإن هذا التقابل في الصلاحيات سيقود الى التعارض العملي بين كل من الجانبين وهذا يقود الى التساؤل عن الجانب الراجح منهما، لذا نحاول في هذه الدراسة أن نعرض لهذا الموضوع بنوع من المقابلة بين حق المؤلف وصلاحيات الغير من خلال استعراض تلك الصلاحيات التي خولها القانون للغير وما الغرض الذي دفع المشرع الى تقرير تلك الصلاحيات، ثم بيان طبيعتها القانونية والمعيار المتبع للموازنة أو الترجيح بينها وبين حق المؤلف .
الكلمات الرئيسية